Wednesday, May 29, 2013


إثيوبيا تشن حرب مياه على مصر. ورءوس الأموال الخليجية تهطل عليها
المصدر: الأهرام اليومى
 

"يا واخد قوتى يا ناوى على موتي". هذا مايتردد على ألسنة البسطاء فى الحوارى والازقة. وهم يرون الدولة الاثيوبية تواصل قضم حقوق مصر فى مياه النيل، بعدما صارت «القاهرة»، بفضل حسنى مبارك وشلته، أسدا فقد مخالبه وأنيابه، تتقافز القرود على اكتافه لاهية آمنة، لتدفع مصر الثائرة مبكرا اولى الفواتير الخاسرة للنظام المنقضى وفشله المريع فى التعاطى مع قضايا الأمن القومى. لتذهب مصالح البلاد والعباد إلى الجحيم، المهم رضا واشنطن وربيبتها تل أبيب عن «التوريث»، ولتأخذ إسرائيل الغاز المصرى «ببلاش» ولتعبث بمصالح المصريين فى مياه النيل أو تمنعها ليس هذا مهما، عند مبارك وطغمته الفاسدة - الذين يجب أن يحاكموا جميعا بتهمة الخيانة العظمى - كل هذا معلوم وظاهر ولكن متغيرا آخر يظل متخفيا عن الأنظار، وهو دور رءوس الأموال والاستثمارات الدولية والخليجية فى دفع النظام الاثيوبى إلى المعاندة والجموح وبناء السدود واحتجاز المياه وتهديد أمن مصر القومى، هل المسألة وصلت إلى حد تداعى الأكلة إلى قصعتها أم أن هناك أوراقا يمكن استخدامها قبل فوات الأوان، أم أننا سنكتفى بترديد قول الشاعر» أَمِنَ العدل أنهم يردون الماء صفوا. وأن يكدر وردي».
الحكاية أنه منذ أيام قليلة نقلت وكالات الأنباء خبرا مفاده أن شركة سعودية تخطط لاستثمار 2.5 مليار دولار، لإنشاء مشروع ضخم لزراعة 10 آلاف هكتار فى غرب إثيوبيا لمدة 60 عاما بالأرز، بهدف إنتاج 1.5 مليون طن سنويا، وستذهب معظم صادراته إلى السوق السعودية. 
وان الشركة تخطط لإيجار 290 ألف هكتار أخرى من الحكومة الإثيوبية لتوسيع المشروع الزراعي. وبحسب وكالة الأنباء الإثيوبية، فإن السعودية استثمرت فى إثيوبيا أكثر من أى دولة أخرى خلال السنوات الأخيرة، وبالطبع هناك استثمارات للإمارات والكويت وقطر والبحرين فى اثيوبيا وبقية دول الحوض، فى موازاة «الهجمة الاستثمارية الدولية الشرسة على اثيوبيا من جانب امريكا والصين والهند والدول الاوروبية واسرائيل وغيرها»، وبعد هذا الخبر بأيام أعلنت اثيوبيا عن البدء فيما سمته "سد الالفية العظيم" الذى ينتظر أن يحجز نحو 17 مليار متر مكعب من حصة مصر والسودان، غير سلسلة من السدود الأخرى على فروع النيل الازرق لحجز المياه وتوليد الكهرباء. فهل هى المصادفة أم أن هناك نوعا من التواطؤ من جانب الأشقاء والغرباء، هذا ما سعينا للوصول الى إجابة له من خبراء المياه والاقتصاد والعالمين ببواطن الامور.
فى البداية يبدى الدكتور محمود منصور أستاذ الاقتصاد الزراعى بجامعة الأزهر استغرابه من انخراط المستثمرين الخليجيين فى مشروعات زراعية ضخمة تقوم على استنزاف حصة مصر من مياه النيل وتعضد موقف اثيوبيا ضدنا، معتبرا أن هذا الانخراط ليس فى محله ولاوقته، وكان على دول الخليج أن تنسق مع مصر فى ذلك، حتى تكون تلك الاستثمارات الخليجية والعربية عونا لمصر والسودان، وورقة فى أيدينا، خاصة فى ظل المخطط الاسرائيلى الامريكى للضغط على مصر وإلهائها بالمشكلات من حولها، وفقا لما يعرف بسياسة «شد الأطراف»، وعندها يكون النفوذ والسيطرة الاستراتيجية فى الشرق الاوسط لإسرائيل ومن ورائها، وتتصدع المصالح العربية والمصرية.
مضيف إن دخول الاستثمارات الخليجية والدولية - فى هذا الوقت فى زراعات كالأرز والورود والوقود الحيوى باثيوبيا ينتقص من نصيب مصر من ماء النهر، وهى اموال ساخنة، لارقابة عليها ويمكن تحريكها بسهولة. اين شعارات العروبة، إنهم يسهمون بذلك فى القضاء علينا، وعلينا ألا نسكت، نحن بحاجة إلى مواجهة الأشقاء ومؤسسات التمويل الدولية والعالم كله بخطاب صريح مفاده: توقفوا حتى نتفق مع دول الحوض، إن «اتفاقية عنتيبى» بين دول الحوض بزعامة اثيوبيا قد هدمت مبدأ فى القانون الدولى يقول بعدم جواز الغاء المعاهدات الموقعة من عهود الاستعمار، ومنها الاتفاقيات الضامنة لحصة مصر من مياه النيل، إذن يمكن لمصر فى أبسط الأمور - أن تهدم مثلا اتفاقية القسطنطينية المنظمة لحركة الملاحة فى قناة السويس، وتمنع مرور السفن والبضائع للدول التى تهدد مصر أو تساعد فى تهديدها مهما تكن.! ويوصف الدكتور منصور ما تقوم به اثيوبيا حاليا من اقتطاع تدريجى لحصة مصر من مياه النيل بأنه «إعلان حرب صريح»، فهذا يشبه تماما اقتطاع سيناء من مصر، ولقد أفرطت اثيوبيا بدعم امريكى اسرائيلى فى انشاء السدود المختلفة بذرائع توليد الكهرباء، وهى غالبا لاتعلن عن السدود إلا بعد اكتمالها، حتى إن الاعلام الإثيوبى نفسه لايعلم عنها شيئا، أما بعثات الرى المصرية هناك، فهى قابعة بجوار المقاييس لاتدرى أو تفعل شيئا، وحذر من خطورة قيام إثيوبيا بإقامة 4 سدود كبيرة، منها: سد تاكيزى لتخزين ثلاثين مليار متر مكعب من المياه، بالإضافة إلى سد بوردر على الحدود الإثيوبية - السودانية لتخزين أكثر من 17 مليار متر مكعب من المياه وهو ما يهدد الأمن المائى المصري، فى الوقت الذى اتضح فيه عدم توافر المعلومات الكافية عن هذه السدود أو دراسات الجدوى لها فى الأجهزة المعنية مثل قطاع مياه النيل المسئول المباشر عن الملف فنيا وتفاوضيا، وأنهم يكتفون بالحصول على المعلومات من خلال الصحف أو وسائل الإعلام الأخرى مما يكشف حجم فشل السياسة المصرية فى التعامل مع ملف المياه.
وشن منصور هجوما كاسحا على نظام مبارك واسلوبه فى معالجة أخطر قضية أمن قومى بالنسبة لمصر، وقال إنه «عمل ودن من طين وودن من عجين» واستبعد الشعب عن المشاركة فى موضوع على هذا القدر من الحساسية، بل لقد «خدر» الشعب وأوهمنا هو ووزراؤه أن «كله تمام» حتى وصلنا للمأزق الحالى، وقال إن سياسة مصر منذ الأزل كانت تقوم على الحضور القوى فى بلاد منابع النيل خاصة الحبشة، حتى جمال عبدالناصر، ولكن انظر كم عدد زيارات مبارك الى دول حوض النيل وكم عدد زياراته الى فرنسا مثلا، وأيها أهم لمصر وكم عدد المرات التى حضر فيها اجتماعات منظمة الوحدة الافريقية، سوف يحاسبه الله على جريمته. ويولى الدكتور رءوف درويش خبير المياه المعروف وجهة أخرى، معتبرا أن من حق الأشقاء العرب كل الحق فى الاستثمار الزراعى فى دول منابع النيل لاسيما اثيوبيا، فدول الخليج تعانى عجزا غذائيا وتستورد معظم احتياجاتها منه من الخارج، ولا أرى سببا يدفعنا لأنكار هذا الحق عليها.
وعن الاستثمارات الكبيرة التى تقويه موقف اديس ابابا معنا وتحويل المياه الى تلك المشروعات؟
أشار إلى أن الأمر يحتاج الى التناول الهادئ دون صخب أو توجيه اتهامات لاينهض عليها دليل، وعلينا أن نسأل:هل الاراضى التى ستزرع تقع على مجرى النيل وتعتمد عليه، أم أنها غير ذلك، ففى اثيوبيا خمسة أودية انهار، واذا كانت هذه الاراضى لاتتغذى على مياه النيل فخير وبركة، أما اذا لم تكن كذلك نوجه رسالة لأشقائنا العرب أن ما ستفعلونه يضر بنا وبوجودنا وبعلاقتنا ومصالحنا المشتركة، نحتاج إلى أن نتحدث فورا مع الإخوة العرب، ونبين لهم خطورة الأمر ونطلب دعمهم، كما ندعمهم فى ملفات كثيرة والتاريخ يشهد بهذا، بالطبع دون الدخول فى مشكلات مع الاخوة العرب، فيكفينا ما نحن فيه الآن من مشكلات فى وقت تحتاج فيه مصر الى استرداد انفاسها، ولا أعتقد أن أهل الخليج سيتنكرون لنا، إنهم إخوة وبيننا صلات عضوية يصعب القفز عليها، ولاشك فى أنه فى ظل التحولات الاقتصادية العالمية أصبح الهدف الاستراتيجى الرئيسى لأى دولة يتمثل فى قدرتها على تحقيق الأمن الغذائى لمواطنيها، ومن ثم يمكن تفهم سعى دول الخليج العربية للاستثمار فى الأراضى الزراعية فى الخارج لتحقيق أمنها المائى والغذائي، مع ضرورة توظيف هذه الاستثمارات بعناية فائقة لتفادى الصراعات مع دول أخري. علينا أن نكون حذرين حيال احتياجات الاخوة العرب. 
مشيرا إلى أننا لانريد فتنة مع الدول العربية، مشكلتنا الحقيقية مع إسرائيل التى لعبت دورًا كبيرًا مع دول حوض النيل لنقض المعاهدة الدولية التى تنظم توزيع مياه النيل، ضمن مخطط أمريكى يسعى لانتزاع النفوذ فى تلك الدول، ولذلك فإن الإدارة الأمريكية توفر "لإسرائيل" كل سبل التأثير على دول مثل إثيوبيا وكينيا ورواندا وأوغندا والكونغو، وذلك بهدف إبقاء مصر فى حالة توتر دائم وانشغال مستمر، مع أن اسرائيل وامريكا هما اكبر حلفاء نظام مبارك الذى ورطنا هذه الورطة. وينبه الدكتور درويش إلى أن كميات المياه فى الحوض تكفى لإغراق دوله من المنبع إلى المصب، فقط تحتاج إلى مشروعات لحصد المحصول المائى المتدفق سماوياً، ومصر أبدت استعداداً بقائمة مشروعات واقعية مضمونة العائد والتمويل لمبادرات خلاقة تضمن زيادة المحصول ورى العطشي.
لكن الدكتور نادر نورالدين الاستاذ بكلية الزراعة جامعة القاهرة وخبير الموارد المائية وبورصات الغذاء والحبوب العالمية، يختلف تماما مع رؤية الدكتور درويش، مؤكدا أن الاستثمارات الخليجية فى اثيوبيا تحديدا هى الاشد خطورة وتأثيرا فى الموقف الاثيوبى من مصر، وانها تأتى فى سياق الوجود الأجنبى والاستيلاء على الأراضى الزراعية فى دول حوض النيل بزعم الاستثمار، وهو ما حذر من خطورته المعهد الدولى لبحوث برامج الغذاء «IFPRI» عام 2009 الذى أبدى تخوفه من تزايد ظاهرة استحواذ الدول الغنية على الأراضى الزراعية فى الدول الفقيرة عن طريق المستثمرين الأجانب حتى أنه أطلق على هذه الظاهرة أسم "الاستيلاء" على الأراضى الزراعية فى الدول النامية عن طريق المستثمرين الأجانب، مع بروز أهمية الاستثمار فى القطاع الزراعى لضمان إنتاج كاف من الغذاء يجنب العديد من هذه الدول الوقوع تحت براثن مجرمى المضاربين فى البورصات العالمية أو معاودة ارتفاع أسعار الغذاء. وكانت الدول الأكثر إقبالا على الاستثمار الزراعى خارج حدودها هى الدول التى تمتلك قدرات مالية عالية ولكنها مستوردة لكامل غذائها من الخارج مثل الدول البترولية «خاصة العربية منها» ويأتى بعدها الدول كثيفة السكان والتى تبحث عن الأمن الغذائى لشعوبها نتيجة لمحدودية مواردها الزراعية مثل الصين والهند وكوريا الجنوبية ثم أخير الدول التى تبحث عن إنتاج الوقود الحيوى من الحاصلات الزراعية لتوفير أمن الطاقة لشعوبها أو للاستثمار فى هذا المجال عالى الربحية. ويأتى هذا الهجوم الحاد من الدول الغنية على أراضى الدول الفقيرة بسبب وفرة الموارد الزراعية من تربة ومياه عذبة وانخفاض كل من أسعار العمالة وتكاليف الإنتاج إضافة إلى العوامل المناخية التى تضمن استقرار إنتاج الغذاء دون تقلبات. وفى الاتجاه الآخر فإن موافقة دول الوفرة الزراعية من الدول الفقيرة والنامية على هذا الاستثمار كان بسبب حاجتها إلى العائد الاقتصادى من استئجار أو بيع أراضيها إضافة إلى بحثها عمن يمكنه إنشاء بنية تحتية مكلفة مثل الترع ونظم الرى والصرف وتمهيد الطرق وتطوير وسائل النقل وغيرها. إلا أنه وخلال العامين الأخيرين زادت مساحات الأراضى المؤجرة للأجانب بنسب كبيرة فى العديد من الدول حيث تزرع اسرائيل 400ألف فدان، وتستهدف السعودية زراعة مليون و750 الف فدان بحوض النيل، نصفهم تقريبا فى اثيوبيا، والامارات مليونى فدان وقطر 300 ألف،
والكويت 250 الفا، وغيرها، وكل ذلك دون تنسيق مع مصر أو وضع مصلحتها فى الاعتبار. 
وأشار إلى أنهم كان من الممكن لهم أن يتشاوروا معنا، وندخل جميعا تحت مظلة جامعة الدول العربية، أى 22 دولة عربية تتوجه باستثماراتها الى دول الحوض، باستثناء اثيوبيا، الى السودان او اوغندا أو كينيا. اولا هذا ضمان لعدم التعرض لهذه الاموال بالتأميم أو المصادرة، ثانيا منع الاستثمار عن الدول ذات الموقف المعادى لمصر، تطبيقا لما يسمى «معاهدة الدفاع العربى المشترك» التى انقذت من خلالها مصر كل دول الخليج من احتلال صدام حسين لها عقب غزوه الكويت وتواطؤ عرب آخرين معه على احتلال بقية دول مجلس التعاون الخليجى، وكان الموقف المصرى فى القمة العربية هو ما منح الشرعية لحرب التحرير بعد ذلك، بمشاركة خيرة ابناء الجيش المصري، والآن يأتى القوم ليضربوا الامن القومى المصرى فى مقتل، بمد اثيوبيا بالاموال فى الزراعة. وهل كان أمامهم طريق آخر؟ 
الحقيقة هناك طرق كثيرة، لماذا لا يستثمرون فى السودان وبها نحو 200 مليون فدان قابلة للزراعة، أو اى دولة أخرى من دول حوض النيل، ما عدا اثيوبيا. 
فى اثيوبيا تشن حربا متعددة الاشكال على مصر برعاية الغرب واسرائيل، لقد نجح الاثيوبيون فى تصوير الامر وكأن مصر تريد أن تستحوذ وحدها على مياه النيل وهذا قرأته فى عدة صحف عالمية، ونحن نائمون فى العسل، وقد تناولت ابعاد هذه القضية فى كتاب سيصدر قريبا عنوانه «دول حوض النيل بين التعاون والصراع» ومن أهم الحقائق التى ينبغى أن يعيها القاصى والدانى أن مصر هى الدولة الأكبر والأكثر اعتماداً على مياه النيل حيث الأمطار بها شبه معدومة والمياه الجوفية غير متجددة ومن هنا فإن مياه النيل تمثل حوالى 97% من موارد مصر المائية ولكى تحافظ مصر على نصيب الفرد من المياه فإنها ستكون فى حاجة مستقبلا إلى نحو 77 مليار م3 بعجز 22 مليار م3، أما السودان فإنه يستغل حاليا 5 و13 مليار م3 من حصته فى مياه النيل البالغة 5 و18 مليار م3، ورغم أن الجنوبيين يرغبون فى السيطرة على قسم هام من مياه النيل لمصالح خاصة إلا أن جنوب السودان لايحتاج لمياه بل يعانى من وفرتها بسبب انهمار الأمطار طوال شهور الصيف. وبالنسبة لإثيوبيا فهى توصف بأنها «نافورة إفريقيا » حيث ينبع من مرتفعاتها أحد عشر نهراً تتدفق عبر حدودها إلى الصومال والسودان من أشهرها النيل الأرزق. كما أن جميع دول الحوض باستثناء مصر،لا تستخدم سوى 20% من اجمالى مواردها المائية بحد أقصى فهم يعتمدون تماما على الامطار التى تهطل 10 شهور فى العام، وفقا لتقارير عالمية. 
ويتنهد د. نادر عميقا ثم يقول: كان يمكن لمصر أن تشن حملة عالمية لتبصير العرب والعالم بحقيقة وضعها المائى الحرج للغاية، لكننا مازلنا فى «غيبوبة تامة» ونغرق جميعا فى أمور أقل شأنا وخطورة، بينما يخرج علينا ميليس زيناوى رئيس الوزراء الاثيوبى كل يوم بجديد ضد مصر، وآخر ما نادى به فكرة «بنك المياه» المقصود منها أن تحصل القاهرة على حصة 40مليار متر سنويا والباقى تدفع سعره، أى أن نشترى مياه النيل منه، باعتبار أن غالبية مياه النهر تأتى من هناك، وهى فكرة مكشوفة، فلا الاثيوبيون استمطروا «استنزلوا» المطر، ولانحن شققنا النهر، فالنيل هو مصرف لتصريف الامطار هناك، ولا يمكن مساواة الماء الذى ترتبط به حياة البشر والكائنات وينزل من السماء، بالبترول الذى ليس كذلك. الغريب هنا أن السعودية سبق أن بادرت بإعلان أنها على استعداد لشراء المياه من أى دولة لديها فائض مائى وترغب فى بيع أو استثمار هذا الفائض، فمن المقصود بالرسالة إذن؟! 
وما الممكن فى حال واصلت دول الخليج استثماراتها فى اثيوبيا وأصرت دول المنبع على تعنتها وتمسكها باتفاقية عنتيبى التى رفضتها مصر والسودان والكونجو؟ يصمت د.نادر برهة، قبل أن يقول إن وقوع مصر وانشغالها بمشكلة مياه النيل التى تلعب أمريكا و"إسرائيل" فى خلفية الصورة هو أمر، يترك عرب الخليج لا يمتلكون أى قوة حقيقية أو أوراق لمواجهة التحدى الإيرانى، فى وقت يصفع نيتانياهو الدول العربية يومياً بتصرفاته وغطرسته، ومع غياب الدور المصرى فإن الحديث عن أن أمن الخليج خط أحمر، هو قول لا يجدى ولا يسمن، فالسياسة هى أوراق وليس تمنيات. وبالنسبة لاثيوبيا وغيرها يطرح الدكتور نادر عدة خيارات منها اللجوء إلى مجلس الأمن الدولى ومحكمة العدل الدولية فى ضوء حقيقة أن الاتفاقيات المائية كاتفاقيات الحدود لايجوز تعديلها أو المساس بها، كما أن اتفاقات المرحلة الاستعمارية التى يراد إعادة النظر فيها بما فيها اتفاق توزيع حصص المياه هى ذاتها التى أنشأت تلك الدول وإعادة النظر فيها من شأنها أن تطلق عنان الفوضى ليس فى دول حوض النيل فحسب وإنما فى إفريقيا كلها، بالإضافة إلى أن هناك قواعد عامة لإدارة مياه الأنهار العابرة للدول تنص على إقرار مبدأ الحقوق التاريخية المكتسبة فى الموارد المائية، وتعتبر أن مياه الأنهار مورد طبيعى مشترك لا يخضع لسيادة دولة بذاتها وهذه القواعد أقرها معهد القانون الدولى فى عام 1961، والموقف القانونى المصرى هنا قوى للغاية وفقا لبنود القانون الدولي.
ويلمح الدكتور نور الدين إلى أنه برغم توقيع ست دول اتفاقية عنتيبى، فإننا ينبغى أن نوجه جهودنا واستثماراتنا الى بقية دول الحوض فيمكنها برغم التوقيع أن تعترض وتعطل مشروعات السدود الاثيوبية عند التصويت عليها، وكذلك يجب تعزيز العلاقات الاقتصادية والفنية مع اريتريا واوغندا والكونجو ورواندا وبوروندى وتنزانيا وكينيا وجنوب السودان وشماله. 
ودعم الصومال ووحدته وإثارة قضية استعادة الأوجادين من أثيوبيا ومن ثم تكف عن إثارة المتاعب لمصر فى حوض النيل.
وهو ما يؤيده الدكتور محمود منصور مشددا فى الوقت نفسه على الحاجة إلى استراتيجية حقيقية داخلية خارجية للتعامل مع قضية المياه، بعيدا عن «الارتجالية »الحالية، وتطوير اساليب الزراعة المصرية وتغيير الهيكل المحصولى والبعد عن زراعة القصب والارز، والتوقف عن انشاء ملاعب الجولف وحمامات السباحة، وتدشين المشروع النووى المصرى ومشروعات الطاقة الجديدة والمتجددة لاستغلالها فى تحلية مياه البحر، وترشيد الاستهلاك المائى وتقليل الهدر الكبير، وكذلك مخاطبة الدول الصديقة ومؤسسات التمويل بأن اقامة سدود اثيوبية على النيل الأزرق هو بمثابة قطع لشريان حياة مصر، وإذا لم يفلح هذا بالحسنى، فإن من يلاعبنى ألاعبه بالطريقة التى يمكن أن يفهمها، عند اللزوم.!. 

1 comment:

Anonymous said...

#17
قديم 04-03-2016, 08:35 AM
الشريف الإدريسي الشريف الإدريسي غير متصل

تاريخ التسجيل: Feb 2014
الدولة: ۞ الجـزائـــــــر ۞
المشاركات: 272
معدل تقييم المستوى: 3
الشريف الإدريسي is on a distinguished road
افتراضي رد: كذب احايث السفياني ووصفه هام جدا

بسم الله الرّحمن الرّحيــم


تكاد كلمة الإخباريّين و المؤرّخين تُجمع على أنّ واضع أحاديث السفياني المنتظرهو
الأمير خالد بن يزيد بن معاوية الأموي، حيث اعتزل السياسة عن قهر بعدما قطع أخوه
معاوية الثاني شعرة جدّهم معاوية وذلك بتنازله عن مقاليد الخلافة والسلطان في حين
كان خالد بن يزيد هذا من المشتغلين برواية الحديث، وحيث أنّ البيت السفياني كان يدين
عمليًّا لشخصية معاوية القويّة مؤسّس حكمهم دون غيره بما في ذلك ابنه يزيد الذي ما إن
أهلكه الله ، حتّى بايعت الأقاليم عبدالله بن الزّبير "العائذ بالحرم" عدى جنود الأردن وعلى
رأسهم حسان بن مالك بن بحدل الكلبي الذي كان يميل إلى بيعة ابن أختــه خالد بن يزيد
و بعد اتّفاقية الجابية خرج المجتمعون على ان تكون الخلافة لمروان بن الحكم" ابن طريد
رسول الله" على ان يخلفه أمير حمص خالد والذي أعرب عن مدى استيائه الشديد عن النتائج
التي أفرزتها اتّفاقية الجابية، خاصة تخلّي خاله حسان بن مالك و تراجعه عن تأييده لينضمّ
إلى أنصار مروان الذي أضحى صهره الجديد حيث تزوج بأخته أرملة يزيد فاختة الكلبيّة وهي
أم خالد ، حتّى يستميل آل يزيد وبقيّة الكلبيّين وحتّى يستفرد بوليّ عهده الذي ما لبث أن خلعه
عن ولاية العهد ليعطيها لابنه عبدالملك بن مروان، وبذلك خرج ملك بني أميّة من آل أبي سفيان
إلى آل مروان بن الحكم ، الشيء الذي دفع خالد حتّى يعيد الأمل و يستثير أنظار النّاس إليه
وإلى حكمهم السفياني المفقود، تمامًا كما وضعت شيعة العلويّين آنذاك أخبارًا وملاحمًا عن المهدي
فإنّ العثمانية من أنصار بني أميّة صدّقوا أيضا بتلك الأخبار المختلقة عن السفياني المنتظر وعن
غاراته وحروبه وكيف سيدعّمه أهل الأندلس من مواليهم بالمغرب وأنّهم أصحاب البراذين الشُهب
والرّايات الصفر أي المناهضة للرّايات السود العلوية حيث ستدور رحى حربهم بسرّة الشّام دمشق

و أوّل من تلقّب بالسفياني هو زياد أبو محمّد بن عبدالله بن خالد بن يزيد المذكور، و قد دعا له رجل
من مواليهم يدعى أبا الورد أهل قنسرين وحلب ليستنهض الهمم في إسقاط حكم بني العباس وإرجاع
ملك بني اميـّة من جديد، ثمّ تأتي حركة اخرى يقودها سفياني آخر من نفس الأسرة سنة 195هـ يدعى
أبا العُمَيْطر، حيث دعا لنفسه بالخلافة مدّعيًا أنّه السفياني المنتظر حينما تغلّب على سليمان بن أبي جعفر
المنصور عامل دمشق، ولولا الفرقة و الانقسام داخل البيت الأموي الكبير لصدقت فيه النبوءة التي وضعها
لهم جدّه خالد بن يزيد، كما ظهر كذلك المبرقع السّفياني لوضعه برقعًا على وجهه في جند الأردن وفلسطين
سنة 227هـ حيث إلتفّت حوله العرب االيمانية من اهل فلسطين معتقدين أنّه مجدّد حكم معاوية الأموي من آل
أبي سفيان، وقد ظهر سنة 397هـ في الفترة العُبيديّة الفاطمية بطرابلس الغرب رجل يدعى أبا ركوة زاعمًا
أنّه صاحب نفس النّبوءة المزعومة، هذا وقد بقي أنصار للأمويّين في جبال الأكراد شمال الموصل يعتقدون
بظهور السفياني والذي حلّ في شخصية شيخهم الأكبر الصوفي المعروف عديّ بن مسافر الهكاري الأموي
سليل بيت المروانيّين، وهم الطائفة اليَزيدية الملعــونة التي ترى من عديّ هذا أنّه صاحب الحقّ الشرعي في
ميراث أوقاف صاحب الزّمان "السفياني" الذي طال انتظاره وهم يعتقدون برجعة الشيخ حسن الذي أظهر
الكثير من الهرطقات الشيطانية ليعيد الحقّ إلى نصابه زعموا، ومن هذه الطائفة جماعة تدعى "خدام المهدي"
أي أنّهم الحاشية لهذا السفياني الموعود، إذ كلّما نصبوا في طقوسهم الشيطانية الطّواويس و السناجق " جمع
طاووس و سنجاق" يهتفون :" دولتي خليفتي عصر زمان وايمي بي" أي "تعيش دولة خليفة الزمان مدى الدهر"
ومن عادات عبدة الشيطان هؤلاء أنّهم يجمعون النّذور و الصدقات لهذا المنتظر الموعود في شقّ بجبل سنجار يُدعى
"كهف جلميرَا" وهو بين قريتيْ يوسفان والبكران في سنجار، ثمّ يُشنِّع بعض الحمقى على رجال الدولة في أمر هؤلاء!

◄ولذلك لا يجب الإيمان بوجود نصوص عن سفياني منتظر ، إلاّ باعتبار أنّه سيكون حتمًا في قادم الأيّام أناسٌ
مَرْضَى يلهثون خلف أماني الشّيطان وسيتقمّصون بجهلهم هذه النصوص المكذوبة فتضحى الخرافة بأيدي هؤلاء
الحمقى حقيقة ملموسة وفتنةً لضعـاف الأنفس، و قس على ذلك كثيرًا من التفاصيل التي رُويت عن الإمام المهدي
محمّــد الفاطمي العلوي بين من يجعلونه كَذبًا "ابنًًا للحسن العسكري!!"، وبين من يجعلونه ظَـنًّا "ابن عبدالله !؟"